مقدمة :
بعد مقتل عروج و إسحاق لم يبقى إلا خير
الدين وحيدا، فأصبحت الأخطار تهدده من كل جانب ، ففي الداخل كثر معارضوه و تمرد عليه
أحمد بن القاضي أمير إمارة كوكو ، و تمردت عليه مدينة شرشال و تنس و تواطأ ضده بنو
زيان في تلمسان ، و ازدادت أطماع الأسبان في ملكه و تقاعس أمير تونس الحفصي على تقديم
يد المساعدة لخير الدين ،و بعد تفكير طويل استغرق أسابيع تفطن خير الدين إلى فكرة سياسية
و هي محاولة ربط الجزائر مع الدولة العثمانية حتى تصبح لها حماية الإمبراطورية العثمانية
.
هذه الفكرة تدل على حنكة خير الدين و دهائه
السياسي لأن الجزائر في هذه الظروف بالذات لا تستطيع أن تحمي نفسها من الزحف الأسباني
بينما الدولة العثمانية قادرة على دعم سلطتها و تمدها بالرجال و السلاح .
و قسمت الچزائر من الناحية الإدارية إلى
أربعة أقاليم رئيسية هي:
1- دار السلطان: گآنت تضم مدينة آلچزائر و ضواحيها
2- پآيلگ الغرب: گآنت عاصمته مازونة ثم معسگر و أخيرا وهران
پعد چلاء الإسبان عنها عام 1792م
3- بايلگ التيطري، ضم المناطق الوسطى و مناطق چنوپ دار السلطان
و گآنت عاصمته المدية.
4- پآيلگ الشرق: يقع من شرقي من دار السلطان و پآيلگ التيطري
گآن أگپر المقاطعات و الأقاليم ، و گآنت عاصمته قسنطينة.
گانت هذه المقاطعات مقسمة إلى قيادات و
على رأس گل منها شيخ قبيلة و گآن الجهاز الإداري چهازا لآمرگزيا حيث أن آية علاقة للحگومة
پرعاياها گآنت علاقة غير مباشرة، تعتمد على استعمال الزعماء المحليين لچمع لشرائپ و
فرض الأمن يمگن استنتاج أهم الخصائص آلتي ميزت الدولة الجزائرية .
مراحل الحكم العثماني :
دام الحكم التركي بالجزائر أكثر من ثلاثة
قرون ""ى 1518 - 1830 "" ويمكن تقسيمه طبقا للتطورات التي مر بها
إلى المراحل التالية.
أ - عصر البيلربايات : 1518 - 1588 :
وتبدأ هذه الفترة منذ أن أسند السلطان سليم
الأول إلى خير الدين امر حكم الجزائر مانحا اياه لقب البيلرباي " أمير الأمراء
" وأهم ما يميز هذه المرحلة على الصعيد العسكري : مواصلة الجهاد ضد العدو الاسباني
، حيث نجح الجيش الجزائري عام 1530 في إخراج الاسبان من حصن البينيون الذي ابتنوه في
المكان المعروف اليوم باسم " برج الفنار " ، كما تمكن في عام "
1541 " من صد الحملة الاسبانية الثالثة على مدينة الجزائر بيادة الامبراطور
" شارلكمان " . وكانت خاتمة هذا التفوق العسكري الذي ميز هذه المرحلة تحرير
بجاية على عهد البيلرباي " صالح ريس " في عام 1555 ، وإنهاء الوجود الاسباني
في تونس على عهد البيلرباي " علج علي " في عام 1574 .
وتجدر الاشارة إلى أن هذه المرحلة تمثل
أزهى عصور الحكم التركي للجزائر من الناحيتين الاقتصادية والعمرانية حيث لعب مهاجرو
الاندلس دورا كبيرا في نقل كثير من المظاهر الحضارية التي عاشوها في الاندلس إلى الجزائر.
ب - عصر الباشاوات : 1588 - 1659 :
بعد أن لمست الدولة العثمانية ضعف الارتباط
بينها وبين ولاتها على الجزائر في أواخر عهد البيلربايات ، عمدت إلى إجراء تعديلات
إدارية فيما يتعلق بنظام الولاية على الجزائر بحيث حددت مدتها بثلاثة أعوام .
واستبدلت لقب البيلرباي بلقب الباشا الذي
كان " دالي أحمد " أول من حمله ، ونظرا لقصر المدة التي كان يقصيها الباشا
في ولايته ، فقد انصرف إلى الاهتمام بمصالحه الشخصية ، وجمع الأموال دون أن يعبأ بمشاكل
الشعب وأحواله .وهذه ما حمل الأمة على مناصرة الطبقة العسكرية " الانكشارية
" أثناء صراعها على السلطة مع الباشوات.
أما أهم الأحداث التي رافقت هذه المرحلة
فكانت : تعرض الجزائر لحملة اسبانية رابعة على عهد " الباشا سليمان " سنة
1601 ، واشتداد التنافس بين فرنسا وبريطانيا وهولندا من أجل الحصول على امتيازات استثمار
المرجان عبر السواحل الجزائرية وحق إقامة المحارس العسكرية لحماية سفنهم التجارية.
ج - عصر الأغوات : 1659 - 1671 :
تمثل هذه الفترة القصيرة غياب السيادة العثمانية
الفعلية ، بحيث أصبح الديوان الذي يتألف من كبار ضباط الانكشارية هو الذي يقوم بانتخاب
" الآغا " المنتدب للحكم ، بعدما كان الحاكم يعين من قبل السلطان العثماني
خلال مرحلتي " البيلربايات ، والباشاوات " . وأبرز ما نجم عن هذا الأسلوب
الجديد في نظام الولاية ، تنافس الضباط فيما بينهم للوصول لإلى الحكم ، وقيام تكتلات
عسكرية داخل الفرق الانكشارية. عادت على البلاد بفقدان الأمن ، وضعف الهيبة العسكرية
أمام الأعداء . مما جعل السلطان والشعب الجزائري يؤيدان قادة القوى البحرية "
الرياس " أثناء صراعهم مع الآغوات " قادة القوى البرية الانكشارية
" وتعليل ذلك : استياء السلطان من قطع الأغوات لكل صلة بالاستانة، وتذمر الشعب
من تفشي الفساد والفوضى ابن حكم الأغوات.
د - عصر الدايات : 1671 - 1830 :
يمثل هذا العصر عودة النفوذ والسلطة إلى
رجال البحرية " الرياس " وكان الداي ينتخب من بين أعضاء الديوان لمدى الحياة
، وبعدها تؤخذ موافقة السلطان على تسميته دايا.
وبنما التزم الدايات في بداية الأمر بتعميق
الارتباط مع الدولة العثمانية فإن المتأخرين منهم قد تخلوا عن هذه السياسة ولم يبق
للسلطان غير السيادة الاسمية .
فالداي هو الذي يرتأي اعلان الحرب ، ويتولى
عقد الاتفاقيات الدولية ، واستقبال البعثات الدبلوماسية . غير أن هذا الوضع لم يكن
يعني انقطاع كل تعاون أو تعاطف .مع الدولة العثمانية ، ففي حالة الحرب كانت الجيوش
الجزائرية تشترك مع الجيوش العثمانية في عملياتها الحربية . وقد اتضح ذلك من خلال اشتراك
الاسطول الجزائري مع الاسطول العثماني في موقعة نافرين 1827.
وأهم ما يستحق الوقوف عنده من أحداث هذا
العصر ، هو تمكن الجيش الجزائري خلال عصر الدايات من تصفية الوجود الاسباني نهائيا
في كل من وهران والمرسى الكبير وذلك في عام 1792 وبعد عدة مصادمات عسكرية ابتدأت منذ
عام 1708.
التنظيم السياسي للجزائر:
1- الداي: وهو رئيس الدولة والقائد العام للجيش، ينتخب
من طرف أعضاء الديوان العالي الذي يتكون من رؤساء الوحدات العسكرية.
2- الديوان: وهو الساعد الأيمن للداي ويضم الأشخاص
المقربين منه، وهو بمثابة مجلس الوزراء في وقتنا الحالي.
3- الخزنجي: وهو بمثابة وزير المالية.
4- الأغا: قائد الجيش البري.
5- خوجة الخيل:ك المشرف على أملاك الدولة وجمع الضرائب
والاتصال بالقبائل.
6- بيت المالجي: مسئول عن جميع المسائل المتعلقة بالمواريث.
7- وكيل الخرج: وهو المكلف بالشئون الخارجية وكل ما له
علاقة بالبواخر والتسليخ والتحصينات ومواجهة الخصوم في عرض البحر المتوسط.
8- الباش كاتب: يتولى تسجيل وصياغة وجميع القرارات التي
يتخذها الديوان، وبالنسبة لكبار الموظفين في كل ولاية فقد كان الباي يستعين بموظفين
سامين وهم:
9- نائب الباي: وهو خليفته إذا غاب ويستنيبه في بعض القضايا.
10- قائد الدار: مسئول عن حراسة المدينة ودفع الرواتب للجنود.
11- الباش كاتب: مسؤول عن كتابة رسائل الباي.
12- أغا الدائرة: قائد فرسان العرب.
13- الباش سيار: الذي يقوم بمهمة النقل.
قوة السفن الحربية الجزائرية في العهد العثماني
كانت الجزائر خلال العهد العثماني من أقوى
الدول في حوض البحر الأبيض المتوسط، كما كانت تحتل مكانة خاصة في دولة الخلافة هذه
إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم،
بل وهي أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789م وبالثورة الأمريكية بعد استقلالها
عن التاج البريطاني عام 1776م. كان الاسم الحقيقي للدولة الـجـزائـريـة هو أيالة الجزائر
وأحيانا اسم مملكة الجزائر، وأبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم.
كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة بحيث
استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة في المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية
خاصة والدولة العثمانية عامة وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية في هذا البحر، وهو
ما جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى بـ
" القرصنة " التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوربيين بموافقة دولهم ومؤازرتها
لهم. في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن
الخامس عشر والذي دخلت الجزائر بمحض اختيارها من أجله ضمـــن "الخلافة العثمانية
" وتحت حمايتها.
لقد بادرت فرنسا في "مؤتمر فيينا
"1814/ 1815 م بطرح موضوع " أيالة الجزائر " فاتفق المؤتمرون على تحطيم
هذه الدولة في مؤتمر " إكس لا شابيل " عام 1819 م حيث وافقت 30 دولة أوربية
على فكرة القضاء على " دولة الجزائر" وأسندت المهمة إلى فرنسا وانكلترا،
وتوفرت الظروف المناسبة للغزو عندما تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري
في معركة " نافارين" Navarin سنة
1827م، حيث كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على البحر
الأبيض المتوسط. لقد كانت حادثة المروحة الذريعة التي بررت بها فرنسا عملية غزو الجزائر.
بعد ضرب الداي حسين قنصل فرنسا بالمروحة نتيجة لاشتداد الخصام بينهما نظرا لعدم التزام
فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية التي قدمت لها على شكل قروض مالية ومواد غذائية
بصفة خاصة خلال المجاعة التي اجتاحت فرنسا بعد ثورة 1789م، والتي قدرت بـ 20 مليون
فرنك ذهبي في ذلك الوقت. فقرر الملك الفرنسي شارل العاشرإرسال أسطولا بحريا مبررا عملية
الغزو بالثأر لشرف فرنسا والانتقام من الداي حسين.
الخلاصة
ان الرابطة الجزائرية العثمانية لم تكن
سوى رابطة دينية معنوية وتحالف ضد قوى المسيحية
المهددة للمسلمين في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط فقط، و الدليل على ذلك قيام الجزائر بربط علاقات دبلوماسية مع العديد من
الدول الأوربية بعيدا عن تدخل الدولة العثمانية، هذه الاستقلالية في الرأي والتوجه
الجزائري تدعم بتواجد قناصله أوربيين بشكل دائم في مقر السلطة العثمانية في الجزائر
وتعاملهم مباشرة مع الداي .
شكرا لكم
ردحذف